يحيى القرني
إحصاءات اللاعب في دورية

احصائية الأخبار

السنة 2022 2021 2020 2019
العدد 92 124 81 226
الأجمالي 523

احصائية المقالات

السنة 2022 2021 2020 2019
العدد 16 12 12 14
الأجمالي 54

احصائية تويتر

السنة 2023 2022 2021 2020
العدد 12 7 31 7
الأجمالي 57
يحيى القرني
من «الكاوبوي» الأميركي إلى الميليشيات الإيرانية
صورة الكاتب

تاريخ النشر : 07 الثلاثاء , يونيو, 2022       المصدر : الشرق الأوسط

الميليشيات في بعض دول العالم ليست جيوشاً سرية تتوارى خلف شعارات وتجمعات وعصابات، فهي معروفة ولديها مكاتب وقيادات وعناوين، وأحياناً تجري انتخابات لتجديد «الثقة» بزعمائها، إلا أن أكثرها يقودها زعيم واحد، ثم أولاده من المهد إلى اللحد، مثل عصابات أميركا اللاتينية وأفريقيا التي يسود العنف فيها تحت شعارات اقتصادية أولاً، ثم سياسية ثانياً، ثم قبائلية ثالثاً. في العالم العربي الراهن يعتبر العراق وسوريا ولبنان واليمن أهم الأنظمة التي تشكلت فيها ميليشيات وترعرعت واستقوت بدعم خارجي من «فيلق القدس» الإيراني، وهي تقوم على أسس العصابات المسلحة التي كانت معروفة في الولايات المتحدة طوال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، والمعروفة بأسماء «المافيا» و«الكاوبوي»، وكذلك في الدول الأوروبية خلال القرون الوسطى. ومعظم هذه الميليشيات المنفلتة تدين بالولاء للمرشد الإيراني الحالي خامنئي. وبعضها يمتلك معظم ركائز الجيش النظامي، من معسكرات معروفة المواقع وأسلحة وسيارات ومدفعية وطائرات مُسيَّرة وصواريخ، ولا تعوزها إلا القاذفات الجوية وطائرات الهليكوبتر. وكلها تمتلك سجوناً ومعتقلات خارج سياق الدولة، وهي تنظم استعراضات لقواتها في الشوارع الرئيسية في بغداد وصنعاء وبيروت ودمشق. وأكثر من ذلك لها ممثلون في مجالس النواب، ووزراء في الحكومات، وأرصفة موانٍ خاصة لتهريب النفط والمخدرات، سواء في العراق واليمن وسوريا ولبنان. كما تفرض على المستوردين أو المصدرين نسبة من الأرباح والعمولات لقاء السماح بدخول أو خروج البضائع التجارية، مثل السيارات والمواد الغذائية. ويتولى العراق تمويل كل الميليشيات الإيرانية في العراق وسوريا و«حزب الله» في لبنان تحت واجهة إيران، في الوقت الذي يعاني العراقيون فيه من سوء المعيشة والفقر والبطالة والفساد. ما زال العراقيون ينتظرون من الحكومة العراقية الحالية ما وعدت به من أي إنجاز، وظلت الميليشيات دولة قوية داخل دولة رخوة. وتلاشت كل آمال العراقيين الذين صدَّقوا وعود المسؤولين بمكافحة الفساد الحكومي والتصدي لانفلات السلاح ومحاكمة قتلة «شباب تشرين»، بل وحتى عن محاولة اغتيال رئيس الوزراء نفسه على أيدي الميليشيات ما زلنا لم نعرف عنها شيئاً، أسوة بكم هائل من جرائم الاغتيالات التي طالت المعارضين الشيعة قبل السنة. لقد مضى على إعلان نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة أكثر من 7 أشهر، وما زالت الحكومة مشلولة بتصريف الأعمال فقط، ومجلس النواب عاجز عن انتخاب رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية، بسبب الانشقاقات العنصرية والطائفية والميليشياوية. والشارع العراقي مغلق بسبب السلاح العشوائي. وطلع علينا قبل أيام أحد زعماء الميليشيات قائلاً: «لن يتم أي تغيير ما دامت أصابعنا على الزناد». وهذه هي الحقيقة، وهو لم يبالغ في هذا التهديد الذي يستحق أن يحاكَم عليه بتهمة التلويح باستخدام السلاح في العملية السياسية الفاشلة منذ 2003 إلى 2022، بسبب الضغط الإيراني والأحزاب الموالية للمرشد خامنئي. لقد هزَّت جريمة مسلح أميركي في تكساس الأسبوع الماضي، وقُتل فيها 21 طفلاً، الولايات المتحدة والحكومة والكونغرس والشعب الأميركي. وهي نوع من الجرائم التي تكررت كثيراً في المدارس هناك، وسط انقسام مجتمعي وأخلاقي بين المعارضين لانتشار الأسلحة في البلاد، والمتمسكين بما سمّوه «حرية السلاح». الأميركيون يعرفون أن السلاح المشاع المنفلت لدى المواطنين سبب من أسباب العنف والمجازر التي يرتكبها بعضهم، بسبب خلاف بسيط أو توتر مجنون أو حتى لعب أطفال. وفي بلد المتناقضات الأميركية ليس غريباً أن هناك منظمة اسمها: «الجمعية الوطنية للبنادق»، وهي تبرعت خلال حملات الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة بعشرات ملايين الدولارات للرئيس السابق ترمب. وفي الوقت الحالي، ومع هذه المجزرة، عقدت جمعية «لوبي الأسلحة الأميركية» اجتماعها السنوي بحضور آلاف من مؤيدي حمل السلاح. ومثل هذه الجمعيات والتشكيلات، انتشرت في السنوات الأخيرة في الولايات المتحدة مجموعات مسلحة تحمل معتقدات سياسية، من بينها «الميليشيا السوداء»، وهي خاصة بالأميركيين الأفارقة، يتزعمها ضابط سابق في الجيش الأميركي لمواجهة عنف الشرطة ضد المواطنين ذوي البشرة السوداء. وهو أمر يشبه ميليشيا أخرى للأميركيين البيض الذين يعتنقون سياسات عرقية ويمينية متطرفة، وتحمل اسم «حركة بوغالو»، وتأسست في عام 2012، وبدأت شهرتها في 2019 بالضد من مظاهرات سوداء مناهضة للشرطة. وهناك تنظيم آخر تحت تسمية «حفظة القسم» وعدد أعضائه 35 ألف شخص، شعارهم «حماية الدستور الأميركي» بكل السبل السلمية والمسلحة، وهو تنظيم يميني متطرف أيضاً. ثم ظهرت حركة «الثلاثة في المائة»، وهي ميليشيا يمينية أخرى شبه عسكرية، تدافع، ليس عن الدستور، وإنما عن حقوق امتلاك الأسلحة، ومقاومة تدخل الحكومة الفيدرالية في الشؤون المحلية. ويعني اسمها أن هناك ثلاثة في المائة فقط من الأميركيين يحملون السلاح دفاعاً عن النظام. وطبعاً هذه الجمعيات والمنظمات والحركات مصدر رعب وقلق في المجتمع والشارع. ومن الشبكات الميليشياوية المسلحة أيضاً واحدة اسمها «أتوموافين» مشكَّلة من النازيين الجدد، وهي ناشطة في الولايات المتحدة وكندا وعدد من الدول الأوروبية. إلا أن أشهر كل تلك الحركات المتطرفة، وأخطرها، وأقدمها، هي «منظمة كوكلوكس كلان»، وهي تشكلت في القرن الثامن عشر الميلادي، وعدد منتسبيها يتراوح بين ثلاثة وستة ملايين شخص أو أكثر يحمل أغلبهم الأسلحة، ولا يترددون في اغتيال أي شخص ضد العرق الأبيض المسيحي. ولذلك، فإن الولايات المتحدة تشجع انتشار الميليشيات في العراق وسوريا واليمن وليبيا وأفغانستان ويوغوسلافيا بعد تقسيمها. ويلاحظ أن هناك ازدواجية في السياسة الأميركية تجاه الميليشيات؛ فهي تشجعها من جهة المصالح الأميركية الاستراتيجية، وضدها إذا كانت تخدم إيران كما في «الحشد الشعبي» في العراق، والحركات المسلحة في سوريا، و«حزب الله» في لبنان، و«الحوثيين» في اليمن. وأينما انتشرت الميليشيات تنتشر الحروب الأهلية والفساد والعنف والتدمير والاغتيالات، ولا فرق في هذا إذا كانت الدولة غربية أو شرقية، أو من هذا الدين أو ذاك. والميليشيات أو عصابات «الكاوبوي» كما كانت تسمَّى منذ بدء استيطان الأوروبيين في أميركا في القرن السابع عشر وما بعده، كانت موضع فخر ذلك العصر بشهادة أفلام هوليوود السينمائية، ولم نكن نفكر أن «الكاوبوي» الأميركي سيحتل بعض بلداننا في يوم من الأيام؛ لكن هذا ما حدث في حروب بوش الأب والابن وكلينتون وأوباما. والأمر لا يقتصر على إيران وميليشياتها وحشودها الفاسدة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، والولايات المتحدة ومرتزقتها من تنظيمات «بلاك ووتر» وغيرها، فقد تحولت هذه التجارة إلى شركات عسكرية خاصة عابرة للقارات والمحيطات، ولا فرق بينها وبين الميليشيات المحلية الفاسدة التي تحولت إلى ذراع إيرانية إرهابية ضد المصالح العربية العليا. إذا فتحت راديو روما فستسمع أخباراً عن ميليشيات «القمصان السوداء»، وفي روما دع الإيطاليين يحدثونك عن «فاشيرنو إيتاليانو» أي الفاشية الإيطالية. وأشهر ميليشيات الفلبين «ميليشيات أبو سياف». ومنحت إحدى ميليشيات المكسيك نفسها اسماً محترماً «فرسان الهيكل». ولتخفيف جو هذا المقال الميليشياوي، نذكر قراصنة البحر في الصومال الذين استغنوا عن شعار الجمجمة والعظمتين، بعد أن لجأوا إلى حلول سلمية؛ حيث يتم رمي فدية مالية إليهم في البحر بواسطة طائرة هليكوبتر. ولكن ماذا يرمي العراقيون الفقراء لميليشيات «الحشد الشعبي» الإيرانية، الغارقة بمليارات الدولارات المنهوبة من خزائن جنائن بابل المعلقة؟!

تويتر
تويتر
يحيى القرني
رسم بياني
رسم بياني لعدد الاخبار و المقالات وتويتر
احصائية سنة 2016
رسم بياني لعدد الاخبار و المقالات وتويتر
يحيى القرني
صورة الكاتب
الفرج والمولد.. الأكثر متابعة

تاريخ النشر :14 الخميس , يوليو, 2022

المصدر : الرياضية

يتفوَّق سلمان الفرج، قائد فريق الهلال الأول لكرة القدم، وفهد المولد، مهاجم الاتحاد، على اللاعبين السعوديين من حيث المتابعة في موقع “تويتر” بـ 1.3 مليون متابع. ويملك الفرج عددًا مماثلًا من المتابعين في “إنستجرام”، الذي شارك فيه 896 صورة، كان آخرها صورة له بـ “كشخة العيد”، ويقف على عكازين، نالت 30 ألف إعجاب. ويملك خمسة لاعبين سعوديين أكثر من مليون متابع في “تويتر”، فما عدا الفرج والمولد، يتابع سالم الدوسري، مهاجم الهلال، 1.1 مليون في “الطائر الأزرق”، لكنه قليل النشاط، بمعدل تغريدتين إلى ثلاث شهريًّا، وينطبق الحال تمامًا على زميله ياسر الشهراني 1.1 مليون متابع، فيما يملك محمد جحفلي، مدافع الهلال، مليون متابع. واستفاد اللاعبون السعوديون من وفرة عدد مستخدمي تويتر في السعودية، الذي بلغ عام 2022 أكثر من 14.1 مليون مستخدم، وفق تقرير صدر في مايو الماضي. ولا تقدم غالبية حسابات اللاعبين الرسمية محتوى خارج كرة القدم، ويعدُّونها وسيلة للمباركة بعد الفوز في المباريات، أو نشر بعض الصور، دون الدخول في نقاشات أو جدالات رياضية، إلا في حالات نادرة. وما بين أقل من 900 ألف متابع و100 ألف متابع، يقع نحو 18 لاعبًا، يتقدمهم جمال باجندوح، لاعب الطائي، الذي سبق أن لعب للاتحاد والشباب بـ 872 ألفًا بوصفه سادس أعلى لاعب سعودي متابعةً، بينما يتابعه على “إنستجرام” 758 ألفًا، ويعيد نشر الصور في كلتا المنصتين، يليه عبد الله المعيوف، حارس الهلال، المتوّج بدوري كأس محمد بن سلمان للمحترفين بـ 589 ألف متابع، وخلفه زميله محمد البريك الذي يتابعه 580 ألفًا، وحسابه غير موثق مثل بقية زملائه مع أنه أكثر منهم نشاطًا خارج كرة القدم، وكانت آخر تغريدة نشرها أمس عن فضل الحج. وتتراجع الأعداد أكثر، إذ يتابع ياسر المسيليم، حارس الأهلي المخضرم، 348 ألفًا، ومعظم تغريداته هي إعادة تغريد لمشروعات خيرية وأدعية دينية. ويبلغ عدد المتابعين لعلي البليهي، لاعب الهلال، 322 ألفًا، وبفارق بسيط يأتي خلفه خالد الغامدي، مدافع الشباب، بـ 321 ألفًا، فيما يتابع محمد العويس، حارس الهلال، 310 آلاف، وبالقرب منه عبد الله عطيف، الذي يتابعه نحو 307 آلاف. ويتابع عبد الله الحفاظ، مدافع الاتحاد، نحو 276 ألفًا، فيما وصل عدد متابعي سلطان الغنام، لاعب النصر، إلى 249 ألفًا، وعلى بُعد قليل منه، يقع هتان باهبري، لاعب الشباب، بـ 214 ألف متابع. ودون الـ 200 ألف، يأتي وليد عبد الله، حارس النصر، بـ 184 ألفًا، وعبد الله الحمدان 185 ألفًا، ومحمد آل فتيل 180 ألفًا، يليه محمد السهلاوي، هداف الدوري الأسبق، الذي انتقل إلى الحزم بـ 168 ألفًا، فيما يتابع عبد الإله المالكي، لاعب الهلال، 143 ألفًا، وعبد الإله العمري، لاعب النصر، 142 ألفًا، وزميله في الفريق علي الحسن 105 آلاف. على الطرف الآخر، يملك لاعبون عددًا لا يتوازى مع تاريخهم الرياضي، في مقدمتهم فواز القرني، حارس الاتحاد السابق والشباب حاليًّا، حيث يتابعه 13 ألفًا فقط، وهو مقلٌّ جدًّا في منشوراته، منذ أن انضم إلى “تويتر” في أبريل 2019. وعلى هذا الغرار، لا يملك عبد الرحمن غريب، لاعب الأهلي والمنتخب السعودي، سوى 56 ألف متابع، وهو عدد قليل يتشابه مع كثير من رفاقه في النادي، فيما يتابع محمد الكويكبي، لاعب وسط الاتفاق، 21 ألفًا فقط.
صورة الكاتب
هجر يتعاقد مع قرني الأهلي... ووُصول المُدافع البرازيلي فابريسيو دورنيلاس

تاريخ النشر :11 الإثنين , يوليو, 2022

المصدر : المدينة

تعاقدت إدارة نادي هجر برئاسة حمد العريفي مع لاعب الوسط "مشاري القرني" وذلك لتمثيل الفريق الأول لكرة القدم في موسم ٢٠٢٢-٢٠٢٣م . ومثَّل "القرني” أندية الأهلي والكوكب وجدة وأحد في الموسم المنصرم . من جهته أعرب "القرني" عن سعادته بالانضمام لصفوف هجر متمنياً المساهمة مع بقية اللاعبين في إسعاد محبي النادي . كما تعاقدت مع المهاجم “نواف بوعامر” وذلك لمدة موسمين . الجدير بالذكر أن “بوعامر” مثَّل أندية الاتفاق والنجوم والعدالة والخليج والجيل . ووصل إلى المملكة وعبر مطار الملك فهد الدولي بالدَّمام صباح اليوم الإثنين المدافع البرازيلي "فابريسيو دورنيلاس" وذلك للالتحاق بتدريبات هجر استعداداً للموسم الرياضي المقبل وكان في استقباله مدير الفريق فؤاد المسلم وإداري الفريق عبدالله العديل .
يحيى القرني
اختناق لبنان والتأزم العربي
صورة الكاتب

تاريخ النشر :13 الجمعة , مايو, 2022       المصدر :الشرق الأوسط

قابلتُ الأستاذ سمير عطا الله في أبوظبي أخيراً، وكان آتياً من دبي وليس من بيروت، لمقابلة الصديق المشترك الأستاذ محمد بنعيسى وزير الثقافة ووزير الخارجية المغربي الأسبق. تحدثنا قليلاً عن مقالاته الأخيرة في نعي لبنان. لكنني بعد أن غادرت الصديقين، تذكرت مقالات عطا الله المجموعة قبل عشر سنوات بعنوانٍ مخيف هو: انقضاء الشرق! ما خطر لأحدٍ منّا قبل عقدٍ أو عقدٍ ونصف أنّ زوال الطابع الكوزموبوليتي عن مدن الشرق الكبرى ومنها بيروت، يمكن أن يوصل بيروت ودمشق وبغداد إلى هذا الاختناق المُريع. فقد صارت هذه المدن العربية بيئات للحروب الأهلية، وللمجاعات، ولغياب كل مظاهر المدنية الحديثة. لقد خطر لي وباستعراض الوقائع والأرقام والتواريخ والتوقعات والآمال أنّ الاختناق الحالي لبيروت النموذج، كان له دورٌ بارزٌ في سريان التأزم إلى مدن المشرق العربي على الأقلّ وعلى مديات العقود الماضية منذ السبعينات من القرن الماضي. عندما نذكر الريادات، نتذكر أنّ اللبنانيين ومنذ منتصف القرن التاسع عشر ما ذهبوا مهاجرين باتجاه الغربة البعيدة في الأميركتين فقط، بل ذهبوا أيضاً إلى مصر وأسهموا إسهامات رئيسية في صناعات الصحافة والتجارة وكتابة المعاجم والموسوعات باللغة العربية الحديثة. ذكّرني سي بنعيسى، كما نسميه، بأنّ روايات جورجي زيدان هي التي منحتنا الصورة الأولى الزاهية للتاريخ العربي القديم. وذكّرنا يوسف بيدس الفلسطيني الأصل مؤسس «بنك أنترا» في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، أنّ أول المصارف في العالم العربي إنما نشأت في بيروت في ثمانينات القرن التاسع عشر. وفي الذكرى المئوية للجامعة الأميركية ببيروت عام 1965 ذكّرنا كُتّاب المجلد التذكاري (1966) أنّ أولى جامعات العالم العربي (وهما اثنتان لا واحدة) إنما قامت في بيروت (1865 و1875). ثم أين نحن من المطابع التي أُنشئت في جبل لبنان ثم في بيروت في القرنين السادس عشر والسابع عشر؟ وأين نحن من إنشاء الشركات البحرية التي تطور من أجلها مرفأ بيروت قبل أي مرفأ آخر في هذا الشرق (بعد العام 1906)؟ وحدِّث ولا حرج عن شركة «طيران الشرق الأوسط» التي نشأت في خمسينات القرن الماضي. وأذكر كلام الرئيس رفيق الحريري في التسعينات مع حاكم دبي عندما قال له: جئنا لنتعلم من سموكم أساليب النهوض(!)، فتظاهر الحاكم بالغضب وأجابه: أنت متواضعٌ جداً يا دولة الرئيس ولا أُحبّ أن يأتي منكم هذا الكلام، أنتم النموذج السبّاق، وتستطيعون أن تبقوا كذلك بشرط أن تحفظوا سلمكم الأهلي وتفوّق تعليمكم والحكم الرشيد! إنّ مسألة «النموذج» التي ذكرها حاكم دبي وباني نهضتها، هي الأمر الحاسم فيما قصدتُه من التداعي القائم بين اختناق لبنان الحالي والتأزم العربي. قال لي إيلي سالم وزير خارجية لبنان الأسبق، ورئيس جامعة «البلمند» بعد عمادته بالجامعة الأميركية في بيروت؛ وكان يسخر بالطبع: «كتبت في الستينات كتاباً عنوانه لبنان تطوُّر (evolution) من دون ثورة (revolution) والذي حدث عكس ذلك تماماً أي اضطراب أو ثورة بل ثورات من دون تطورٍ ولا تطوير! لماذا كان ذلك أو حصل؟ هناك عدة عوامل، آخِرها بالطبع: حروب الآخرين على أرض لبنان، كما قال غسان تويني! وكان يقصد بذلك النزاع الداخلي بين 1975 و1990. يومها انتهت الحرب بحلٍّ دولي وعربي في مؤتمر الطائف وبدستور جديد. لكنّ الجراح العميقة كانت لا تزال باقية، وأهمُّها اعتبار الموارنة أنهم فقدوا السلطة، وأنه لا بد من استعادتها أو الهجرة من لبنان. وقد تلاعب السوريون بهذا الأمر من خلال التظاهر بدعم أميل لحود، قائد الجيش، لرئاسة الجمهورية (ولتسع سنوات وليس ست سنوات!). وعندما خرجوا من لبنان عام 2005 على أثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، تولّى «حزب الله» إكمال الفيلم بدعم الجنرال عون قائد الجيش الأسبق، وبآيديولوجيا كاملة بشأن تحالف الأقليات في لبنان والمنطقة. ومنذ عام 2006 وحتى اليوم أمعن الجنرال عون وحليفه الحزب المسلَّح في تخريب النظام اللبناني، إلى أن بلغ الحالة الراهنة من الهوان والاختناق. وهذا هو العامل الأول في سقوط «النموذج» اللبناني: تخريب النظام والمؤسسات، وسوء الإدارة، والفساد، وإعطاء الحزب المسلَّح مقاليد السلطة من دون شورى ولا دستور! أما العامل الثاني فهو عجز السنة (وهم لُحمة المجتمع اللبناني، والدولة والمؤسسات) عن صون موقع رئاسة الحكومة بوصفها السلطة التنفيذية على أثر مقتل الرئيس رفيق الحريري. لقد صمد تحالف «14 آذار» لأربع سنوات وفاز في الانتخابات مرتين (2005 و2009)، ولذلك كانت حكومتا الرئيس السنيورة باعثتين على الأمل. ثم تفكك التحالف واستولى الحزب المسلح والجنرال على الحكومة عام 2011، ومنذ ذلك الحين ما قامت في لبنان حكومة تستحق هذا الاسم. وأياً تكن العوامل والأسباب والظروف فإنّ القيادة السنية تتحمل مسؤولية بارزة عن هوان الدولة والنظام، بعدم توحدها وصلابتها، وبتسليمها بجنرال الحزب رئيساً للجمهورية، وبقانون الانتخابات التخريبي عام 2018. وخلال عقدٍ ونصف كان لبنان قد فقد الدعم العربي والدولي، لاستيلاء الحزب المسلَّح واستيلاء الفساد والاستئثار، وعدم الإقبال على الاستثمار فيه. وخلال ذلك أيضاً كان العراق قد خُرب لصالح إيران، وكذلك سوريا. فبدا الانحطاط الدولي في الدول الثلاث، شاهداً على انحطاط المشرق العربي، بفشل الدولة الوطنية فيه. قال كثير من المراقبين إنّ بيروت فقدت الفرصة بالانغماس في الحرب الداخلية الطويلة، وحلول أقطار وموانئ ومطارات أخرى محلّها. أما الحقيقة فإنه لا أحد يحلُّ محلَّ أحد، إلاّ إذا فقد ذلك الأحد المتروك الصدقية والثقة والنموذج أو الفكرة. وفي لبنان فشل النظام السياسي، وهو فشلٌ جرَّ معه تراجع التعليم، وعالم الأعمال، والوكالات التجارية، وحكم القانون. ولذلك، وحتى لو بقيت بعض السمعة؛ فإنّ أحداً ما عاد يتحدث عن لبنان النموذج إلاّ بوصفه أمراً ماضياً. وفي الحق فإنه رغم الفشل المتمادي فإنّ النموذج قاوم عدة عقود حتى تغير الوضع الدولي والإقليمي وتجاوز الاختلال السياسي إلى الحضاري. إنّ الذي أقصده أنّ التراجع الطويل المدى كان نوعياً، لكنه لم ينكشف تماماً إلاّ في ثلاثة مظاهر كلها واضحة للعيان: قضية الكهرباء، ومشكلات التعليم والجامعات، وإقفال البنوك وانهيار العملة. وهي معالم كانت أساسية في ميزات لبنان وبيروت وثقافة الحياة فيهما على مدى أكثر من قرن من الزمان! ميزات لبنان التي ذكرناها هي التي ولَّدت الثقة بعملية معقدة وطويلة الأمد؛ كانت مظاهرها شواهد للحداثة والعصرية، ومبلورة لنموذج «سويسرا الشرق» كما كان يقال. وهي دليلٌ على ضعف اللبنانيين وعجزهم، قبل أن تكون دليلاً على مساوئ التدخلات وكوارثها. على مسافة أيامٍ من انتخاباتٍ مصيرية بوصفها آخر مظاهر المشاركة التي تتيحها بقايا النظام، ما عاد أحدٌ وسط هذا الاختناق بالطبع، يتحدث لا عن النموذج، ولا عن الثقة. لقد فقد لبنان كل ميزاته التي كانت تستحق التطلع والتقليد. الخاسر الأكبر هو الشعب اللبناني لكنّ العرب خسروا كثيراً أيضاً بخسارة لبنان.

احصائية الأخبار سنة 2024
رسم بياني لعدد الاخبار و المقالات وتويتر